محاضرات في فلسفة العلم حول علاقة الإله بالكون والحياة..
نبذة مختصرة عن المحاضرة (64):
▪أول ما يلاحظ ان السجالات المطروحة حول مشكلة الشر لم تتصد لمعالجة معضلة الشر من خلال تحليل الافتراضات حول "كيفية ما جرى من خلق من حيث المبدأ". فإذا كان الخلق بالنسبة للمؤمن يعبر عن "علاقة فاعل بمنفعل"، فإن الخلل والقصور تارة يفترض من جهة الفاعل، وأخرى من جهة المنفعل. ويمكن تحديد خمسة افتراضات ممكنة لعلاقة الإله بالخلق.
▪الافتراض الاول يقول بأن مصدر الخلق يعود إلى منفعل من دون وجود فاعل مستقل (اعتقاد الملاحدة). وهو غير معقول، وذلك لأن شواهد النظم الكونية والحيوية الدالة على وجود الإله لا تعد ولا تحصى.
▪الافتراض الثاني يقول بأن مصدر الخلق يعود إلى فاعل تام من دون وجود منفعل مستقل ( اعتقاد اتباع الأديان السماوية). وهو غير منطقي. اذ من غير المعقول ان يتصف الإله بالصفات الكمالية ومع ذلك لا يفعل ما يمنع به ظهور الشر جملة.
▪ الافتراض الثالث يقول بأن مصدر الخلق يعود إلى فاعل قاصر رغم عدم وجود منفعل مستقل. وان اوجه القصور في الفاعل تتعلق بنقص في العلم او القدرة او الخير. لكن هذا القصور المفترض يتعارض مع ما يلاحظ من عظمة التصميم والعناية الشاملة في الخلق.
▪ الافتراض الرابع يقول بأن مصدر الخلق يعود إلى فاعل قاصر مع وجود منفعل مستقل. أي انه يفترض جود مادة أصلية أزلية جرى عليها الخلق من قبل الإله، وأن القصور يكمن في الإله وليس في المادة المستقلة. لكن العناية الإلهية البادية في الخلق تمنع من جعل هذا النقص عائداً إلى الذات الإلهية.
▪ الافتراض الخامس يعترف بوجود مادة أصلية مستقلة جرى عليها الخلق، لكن قابليتها محدودة، وأن وجود الشر مرهون بفكرة وجود عجز في المادة الاصلية لا الصفات الالهية. وسوف يتم تفصيل الحديث عن هذه النظرية ابتداءا من المحاضرة المقبلة..
(المهندسة رباب تميم قاسمُو)