جرائم التزييف والتزوير و الانتحال
Environment sounds Environment sounds
5.93K subscribers
14,987 views
147

 Published On Sep 27, 2020

إن كلمة الزور تعني لغة الكذب والباطل، لذلك أطلق التزوير على الكذب وتحسينه، واصطلاحا يقصد بالزور تغير الحقيقة، إما قولا أو فعلا أو كتابة بهدف خداع الغير، وكقاعدة عامة، فان القانون الوضعي لا يعاقب على الكذب كأصل عام، تاركا للأفراد واجب الحذر منه والحيطة من الوقوع في حباله، غير أن الحماية القانونية من الكذب تصبح واجبة إذا كان من شأنه الإضرار بحقوق كلفها المشرع بالحماية للفرد والجماعة، والملاحظ أن قواعد القانون الجنائي تجرم الوسيلة المستعملة في تغيير الحقيقة دون الغاية من هذا التغيير، وهذه الوسيلة أو الطريقة هي التي على أساسها تحدد صور الكذب المعاقب علي أنها جرائم تزوير، وتتمثل تلك الصور فيما يلي:
1) التزوير بالقول: مثل شهادة الزور واليمين الكاذبة، وهما جريمتان مستقلتان عن جريمة التزوير في المحررات،
2) التزوير بالأفعال: مثل تزيف النقود أو تزويرها وكذا الغش في البضائع،
3) التزوير بالكتابة: كتزييف أو تزوير أختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات، ولقد تعرض القانون الجنائي المغربي لجرائم التزوير كلها في الباب السادس من الكتاب الثاني من المواد 334 إلى 391 وجمعها في باب واحد تحث عنوان (في التزوير والتزييف والانتحال). وهكذا يتبين أن التزوير في مدلوله العام يعني تغيير الحقيقة أيا كانت وسيلته وأيا كان موضوعه، وهو في هدا المدلول يتسع لكثير من الجرائم، لكن الملاحظ هو أن كلمة تزوير عند إطلاقها تنصرف فقط إلى تغير الحقيقة في الكتابة أو في الأختام والعلامات والرموز، وتشكل الأحكام الضابطة لجريمة التزوير في المحررات جوهر النظرية العامة لأفعال التزوير كلها، فمنها تستقى القواعد العامة التي تسري على كافة جرائم التزوير أيا كان موضوعها،
أهمية دراسة جريمة التزوير في المحررات
تظهر أهمية دراسة هده الجريمة من خلال عدة نواحي أساسية وهي:
1) الناحية الاجتماعية: يمكن القول أن الكتابة تعد من بين أهم ما اخترعه الإنسان على وجه البسيطة، باعتبارها الأداة لنقل الأفكار وانتشارها وتوضيح المعاني وتبليغها وتسجيل المنجزات والأعمال الكبرى للأجيال المتعاقبة،وهكذا صارت الكتابة تؤدي في المجتمع الحديث دورا اجتماعيا بالغ الأهمية، فهي أداة لإثبات الحقوق والالتزامات وتنظيم المعاملات القانونية، لدا من الضروري تأمين الحماية للثقة العامة في كتابة المحررات حتى تؤدي دورها الاجتماعي والقانوني باعتبارها روح المعاملات التجارية كلها،
2) الناحية الاقتصادية: أيضا لجريمة التزوير في المحررات أهمية اقتصادية تتجلى في إقدام كثير من الممولين والتجار والموردين على تغير الحقيقة فيما يمسكونه من دفاتر وسجلات تهربا من أداء الضرائب أو الكذب في التصريحات مما ينعكس سلبا على ميزانية الدولة وتقلص مداخليها،
3) الناحية السياسية: يمكن التمثيل لداك بلجوء العصابات الدولية الإرهابية إلى التزوير في المحررات، كأوراق اتباث الهوية والجوازات حتى يتسنى لأعضائها تنفيذ مخططاتهم الإجرامية، وكدالك التجاء المنافسين في الانتخابات إلى تزوير الوثائق التي تحول بينهم وبين ترشحهم للانتخابات العامة،
4) الناحية القانونية: وعيا لم للتزوير في المحررات من خطورة اجتماعية واقتصادية بالغة، تصدى المشرع المغربي أسوة بباقي التشريعات المقارنة لأفعال التزوير في المحررات بالتجريم في القانون الجنائي، فخصص لها ثلاثة فروع من الباب السادس المعنون (في التزوير والتزييف والانتحال) هدا على مستوى الموضوع، أما على مستوى الشكل فقد نظم المشرع دعوى الزور الجنائية الأصلية والفرعية في الواد 575 إلى 587 من ق م ج الحالي، كما نظم دعوى الزور الفرعية المدنية في المواد 92 وحتى 102 من ق م م، والتي تباشر أمام محاكم الموضوع، أما تلك التي تمارس أمام المجلس الأعلى فقد نظمها بمقتضى المادتين 386 و387 من ق م م، في حين اغفل تنظيم دعوى الزور المدنية الأصلية، تاركا دالك للقواعد العامة،
وموازاة باهتمام المشرع بجريمة التزوير في المحررات، كان دالك أيضا محط اهتمام الفقهاء بواسطة الكثير من المناقشات والمؤلفات والأبحاث، مفهوم جريمة التزوير في المحررات
1 تعريف جريمة التزوير في المحررات
لقد عرف القانون الجنائي المغربي التزوير في المحررات في المادة 351 كمايلي: (تزوير الأوراق هو تغير الحقيقة فيها بسوء نية، تغيرا من شانه أن يسبب ضررا من وقع في المحرر، بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون). ويعتبر هدا التعريف نقلا حرفيا للتعريف الذي صاغه الفقيه الفرنسي جارسون، وهو تعريف يتميز بكونه أحاط بجميع العناصر التي يتعين توافرها لنحقق جريمة التزوير في المحررات، أما الدكتور أحمد فتحي سرور، فقد عرف التزوير في المحررات بكونه تغيرا للحقيقة بإحدى الطرق المقررة في القانون، بقصد الغش في محرر يحميه القانون،وهناك من التشريعات من تبنى تعريف الفقيه جاروا، كالتشريع اللبناني الذي نص في المادة 453 جنائي على أن التزوير (هو تحريف متعمد للحقيقة في الوقائع والبيانات، يتبثها بصك أو مخطوط يشكل مستندا، بدافع ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي،) وأعتقد أنه من الأفضل ترك تعريف جريمة التزوير للمحررات للفقه والقضاء ليقوما بتحديد مضامينها على ضوء القضايا التي تعج بها الحياة العملية، والتي تتطور بتطور وسائل ارتكاب الجريمة،

show more

Share/Embed