#نفحات_برهانية
النفحة ( ٦ )

س/ لما نجلس مع الصالحين أو نستمع درساً ما نجد في الروح نشاط وهمّة مجرد ما يتم الدرس أو نقوم من عند الصالحين نقع في صراع ما بين النفس الأمّارة والنفس اللوّامة تجعلنا لا نشعر بالسلام الداخلي كيف يمكننا أن نخرج من هذه الدائرة أو دائرة الوهم إلى دائرة اليقين؟
ج/ كلامك هذا سأله الصحابة لرسول الله وقالوا نحن نقف بين يديك تذكّرنا الآخرة وتحدّثنا وترقّق قلوبنا حتى نكاد نبلغ الكمال، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأموال والعيال والنساء ونسينا كثيراً، قال "والله لو دوامتم على ما كنتم عليه عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن ساعة بساعة". إذاً نعم تسمو أرواحنا في لحظات التجلّي ولكننا ناقصون ومثقلون، فنحن كمن يصارع البحر تجلبنا يد العناية إلى أعلى فنتنفّس وننظر إلى جمال المجلى دع جمال الوجه يظهر***لا تغطّي يا حبيبي***طول الليل فيك أسهر***زاد شوقي ونحيبي كما قال عبد الغني النابلسي، أوميض برقٍ بالأُبيرق لاحا**أم في رُبى نجدٍ أرى مصباحا***أم تلك ليلة العامرية أسفرت***ليلاً فصيّرت المساء صباحا كما قال إبن الفارض. ولكن تجذبنا النفس مجدّداً فنقع في مهاويها وفي أهوائها وفي ترّهاتها ونصارعها، فإذا كان المصارعُ عليماً فالمصارعة تقوم أنك تَغلِب وتُغلَب، لا تغلب دائماً ولا تُغلَب دائماً، مصارعة رومانية مرة يلفّك بعقلة مرة تلفّه وهكذا.. نحن في صراع دائم (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) أنت الآن في دوجو في الرينج في مكان القتال، هذا عدوّ وأنت تقاتله، حتى لا يقول بعض أدعياء التصوف الشيطان حبيبكم وأخوكم وتحبوه في عالم الحقيقة وإن كان عدوّ، هذا كلام فارغ. المهمّ فعندما تكون هذه المعركة نعم تَضرب وتُضرَب، ومرة تغلب ومرة تُغلَب، وعدوك لديك خائن فيك يُعينه، إذاً في العلوم العسكرية إذا كان في القلعة خائن والعدو خارج الأسوار أيهم أولى بالقتال العدو الخارجي أم الداخلي؟ من في القلعة. إذاً إبدأ بنفسك! 

البعض يكثر من الإستغفار وماسك سبحة ويستغفر ويستعيذ من الشيطان ولم يستعذ من شيطان نفسه، لا  إبدأ بنفسك إغلب نفسك أولاً. والنفس لا تُغلب بسهولة. أنا قلت لكم قاعدة من قبل:

لن تترك نفسك الذنب مهما رأت من كرامة روحك                                                              ولن تترك روحك الأمل مهما رأت من ذنوب نفسك 

هذه حكمة خضرية عظيمة، النفس لا تترك الذنب ولو كنت ذهبت إلى الكعبة وفُتح لك جوف الكعبة ودخلت ووجدت النبي المصطفى وصافحك، والروح لا تترك الأمل ولو رأتك في أفسق الأحوال. لذلك ننتظر المهدي لأنه سيكمّلنا، لأنه مكمّل الناقصين كما قال سيدي معين الدين الجشتي عن مولانا علي الهجويري لما ذهب إلى مقامه 40 يوماً وقال غنج بغش يعني مكمّل الناقصين، نحتاج إلى مكمّل الناقصين الذي يضع يده على صدر الإنسان فيقتل الشر الذي فيه قتلاً كلياً، يضع يده على بطنه فينزع النفس نزعاً كاملاً، يضع يده على هذا الميّت الذي فيه فيحييه كما أحيا عيسى، ينفخ في طين نفسه فيُحييه، قال جعفر الصادق (بعد إكتماله بعد الإسراء والمعراج الذي يخصّه) قال: "يضع يده على رأس أحد من رجاله فينهض وقد تناهى في العلوم" مباشرة يذكّره بعلوم روحه، هذا مكمّل الناقصين. أما ما دمنا هكذا ما دمنا في هذا المقام في عدم الإكتمال فننتظر حتى يجعل الله لنا فرجاً، ونرجو ألا نموت ونحن على هذا النقص، أن نلقى الله بهذا الكمال الذي فينا. 

إذا كنا في نشوة النور فلنستمتع بالنور، وإذا غادرتنا الأنوار وجاءتنا الظلمات فلنعلم أنّ الظلام لا ينفذ فينا إلا لشيء فينا، عندما نهاجم الشر الذي فينا كل يوم يزداد ميزان النور ينقص ميزان الظلام حتى نصبح على سوية وطوية. كما ذكرت في علم الأخلاق: العمل في التزكية أن نُبطل المصفوفة الشيطانية وأن نقوّي المصفوفة أو الملفوف النوارني داخل الإنسان وأن نعيد تفعيل الأنوار، وهذا علم في التنمية البشرية رهيب جداً وهو البحث عن نقاط القوة وتقويتها وتحصينها عن الغرور وعن التكاسل، والبحث عن نقاط الضعف ومحوها، والأعظم من ذلك أن تحوّل نقاط ضعفك إلى نقاط قوة وهذا صعب جداً وهذا مجال آخر.

رابط المصدر🔗 👇🏻الدرس ٣١ [علم الأخلاق]
   • الدروس البرهانية / الدرس الواحد و الث...  

#حضرةالشيخ_الدكتور_مازن_الشريف_الحسني_الحسيني
#المنارة_المحمدية
#على_المحمدية_البيضاء
#الطريقة_الخضرية
#المدرسة_المازنية_المهدوية_الخضرية
#قم_زين_الدنيا_بنور_محمد
#نحن_الذين_بايعوا_محمدا
#نفحات_برهانية